الأحد، 28 أكتوبر 2018

-18

لا أعرف بالتحديد من قام بتقسيم المحتوى إلى +18 و-18 ولم اختار 18 سنة ولا على أي أساس يُصنف المنتج أنه يناسب زائد أو ناقص 18, ولكني أذكر أن ماما زمان, أقنعتني ألا أُكمل مشاهدة Lion King معللة ذلك بأنه "مش حلو, مش هيعجبك" ولم أعرف إلا بعد سنين أنها لم تكن تريدني أن أشعر بالحزن على موت موفاسا.
عندما كبرت قليلا وأصبحت أختار منفردة ما أشاهده من كرتون, تعجبت من قصص ومسلسلات, صُنعت خصيصا لتكون -18 بل -12 لكنها شديدة الحزن وفيها أحداث صادمة لا يمكن تجاوزها بسهولة, مثل موت روميو في "عهد الأصدقاء" أثر مرضه بالسل أو معاناة سامي ووسيم اليتيمين الصغيرين أو ضياع ريمي في الشوارع وبحثها عن صحبة وأهل وأم..
أذكر أني كنت في الحادية عشرة عندما تعرفت على هاري بوتر. كنا نقضي معظم شهور الصيف في العجمي, كانت لي طقوس لا تتغير بداية من البطاطس المحمرة التي تغريني بها ماما لأوافق على الخروج من حمام السباحة بعد أن هربت من الراجل اللي بيصفر شمالا وغربا وجنوبا وشرقا, إلى ركوب العجلة على البحر وشراء أيس كريم الليمون والذهاب إلى كشك الأهرام لشراء كتب لطيفة حتى يأتي الطفطف. تلك السنة, اخترت هاري بوتر وحجر الفيلسوف ليكون بداية الصيف ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن, لا شيء يحل محل هاري بوتر في ذكريات طفولتي وبداية مراهقتي. كنت أحب هاري ورون وهرمايوني كأصدقاء حقيقيين, نواجه قوة السحر الأسود معا, نتجول في دهاليز هوجوارتس, نفرح كثيرا لظهور سيريوس بلاك ونكتئب جدا عندما يُقتل. أذكر أني أحببت كثيرا شخصيات بعينها مثل دمبلدور, هاجريد ولونا وسيدريك ديجوري وكنت أمقت الكثير من الشخصيات مقتا حقيقيا مثل بيتر بيتجرو, دولوريس أمبريدج, وبيلاتريكس.
هذه الأيام, في محاولة لاستعادة ذكريات طفولتي التي أحبها بشكل خاص, قررت أن أشاهد أفلام هاري بوتر الجزء بعد الجزء لكني لم أتخيل أن التجربة ستكون مختلفة إلى هذا الحد.
ليلة أمس شاهدت Harry Potter and the Order of the Phoenix وهو من الأجزاء المحببة إليّ وفي العادة أتأثر كثيرا لموت سيريوس بلاك وأشعر بالغل تجاه دولوريس المثال المتقن للشخص المؤذي الذي يتمتع بسلطة قمعية يستخدمها كما يشاء لينشر وجهة نظر جهة معينة ويربي العيال اللي مش نافعة بأسلوبه. في الحقيقة, أنا شخصيا عندي بعض المشكلات مع فكرة السلطة والتأديب وقد وجدت الكثير من الشبه بين شخصية دولوريس وشخصيات قابلتها في حياتي الدراسية والعملية فكنت دائما ما أشعر بغضب بالغ وحقيقي تجاه تلك المرأة, لكن تلك المرة, وأنا +18 بل +21, لم تعد مشاعري كما كانت تجاه الشخصيات فوجدت نفسي أشتمها بغضب مضاعف عندما عاقبت هاري وجعلته يكتب "I must not tell lies" بدمه, ولم يكن غضبا مدفوعا بمشاعر الصداقة الحميمة مع هاري بوتر كما كان الوضع آنذاك, بل زاد عليه مشاعر من نوع أن هو عشان الولد مالوش أهل تقومي تعملي فيه كدة وأنه لو  كان ابني لكنت جبت الولية دي من شعرها وفرجت عليها الناس وقد شعرت بذنب كبير لمشاهدتي إياه يظلم ويؤذي بهذا الشكل دون أي تدخل في مجرى الأحداث.فقررت أن أوقف الفيلم وأنام.
لاحظت أن ربما كلما نكبر سنا, نشعر أكثر بمعاناة الآخرين, أو ربما نفهم مدى صعوبة كل شيء لدرجة قد تدفعنا أن نتعاطف خفية مع أشياء كنا نظنها مطلقة السوء, فلا يوجد ما هو واضح طيب أو شرير. أعود أرثي للSinging fat Lady وأفكر في كل كريسماس لم يتمكن هاري من الاستمتاع به وأتفهم ما قد حدث لTom Riddle ليصبح على الصورة التي هو عليها كما أعتذر  للأبواب إذا ما رُزعت, وللزجاجات البلاستيكية إذا ما رُميت وللأوراق إذا طويت, وأربت على الدمى قبيحة الشكل إذا ما صرخ عندما يراها الأطفال وعلى كلاب الشارع التي لا أستطيع أن أخذها جميعا إلى البيت, وأتأكد حينها أن ربما كان من المنطقي أن نشاهد تلك الأشياء المؤثرة أو الصادمة ونحن صغار في السن, مرنون وغير منهكون, كان من المنطقي أن يكون كل ذلك -18 فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق