الخميس، 1 سبتمبر 2016

ميكروباص الفيوم

كانت تلك المرة الأولى التي تسافر فيها وحدها دون إسماعيل. وقفت أمام الميكروباص, تمسك ابنتها من يدها وتجرجرها خلفها حتى كادت تنخلع من من مفصلها, سألت كل من تقع عليه عينها, ليقول لها السائق في نفاد صبر وهو يعد بعض العملات الفضية التي فردها على يده اليسرى "والمصحف رايح الفيوم يا ست".
. حملت ابنتها ونقرت بدبلتها على زجاج الشباك ففتحه الرجل وتلقف الصغيرة من خلاله بينما جلست أم ريماس على الكرسي المجاور للشباك وعلى نظرة نصر, ودون سلام أو كلام أخذت البنت التي تبكي بلا توقف, وضعتها على حجرها وهي تتحسس جسمها من فوق الثياب وقد مر في خاطرها كل حوادث التحرش التي سمعت عنها ورأتها بنفسها وأعادت النظر للرجل في كراهية واضحة.
ما إن تحرك الميكروباص حتى هدأت البنت وبدأت في الكلام "ماما دة كلب؟" فتهز رأسها, "بنت؟" فتجيب "حلوة زيك" , "ماما دي ريحة كشري؟" فلم تجب.
"ماما"
-همم
"دة كشري؟"
-آه
"جعانة"
"ماما جعانة"
 فتضع يدها على فم ابنتها وهي تزغر لها زغرة أعادت لها صمتها. لم تنقضِ خمس دقائق حتى عادت إلى ملاحظتها المدهشة عن أي شيء ساء قدره ومضى في طريقها.
"ماما الست دي داخلة النار؟"
فتنظر من الشباك:
-داخلة النار ليه إن شاء الله؟
"ماشية بشعرها, بابا قاللي.."
من جديد وضعت يدها على فم ابنتها بسرعة وكأنها تسد بلاعة كادت تطفح وقد أراحت يدها الأخرى على رأسها مربتة عليه:
 -نامي يا ريماس
لم تغمض الصغيرة عينها مع ذلك بدأت الأم تزن زنة رتيبة وتهز في رجلها وتحرك كفها على شعر ريماس في حسم حتى بدأ جفناها في الاستسلام, وفجأة وكأن شخصا قرصها فتحت عينها قدر ما استطاعت وقد قالت بصوت سمعه ركاب الميكروباص كله كما ستجزم أمها في حكايتها:
"مش عايزة أنام يا ماما يا بنت الوسخة" 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق