الثلاثاء، 15 يوليو 2014

سراج منير بين العالم الموازى و العالم الموازى له

                                                                  فى عالم مواز

تقف "عقيلة راتب" أم عبد الحليم فى ساحة المحكمة صارخة أن هذا كذب و افتراء و أن ابنها برىء و لم يصدم المجنى عليه بسيارة و لا شأن له بأى باذنجان, فتتعالى الهمسات و ترتفع طرديا معها خبطات المطرقة الخشبية و مطالبة القاضى بالهدوء. تطلب أم عبد الحليم استجواب زوجها سراج منير معللة أنه لن يستطيع الكذب إذا حلف اليمين.
تراه واقفا واليأس قد تملكه قائلا "والله العظيم أقول الحق" و يقوله فعلا فيخرج عبد الحليم البرىء من ظلمات السجن حالما بالعودة إلى فتاة العوامة ذات الديل حصان و الغمازات, ويحل محله أحمد رمزى الشاب المستهتر الذى يزهق الأرواح بطيشه و سرعة سيارته المهولة.




                                                         فى عالم مواز للعالم الموازى


يقف سراج منير و على وجهه أمارات الجد و الشدة فى ساحة المحكمة,

-قول والله العظيم أقول الحق
والله العظيم أقول الحق!
-ابنك اللى خبط المجنى عليه بالعربية؟
لأ
-أمال مين؟
عبد الحليم هو اللى عمل كدة.
-و عرفت منين؟
هو اللى اعترف -ابن الهبلة(فى سره)- يبقى هو اللى عمل كدة.
-مش جايز يكون أحمد رمزى؟
أنا ابنى كان فى البيت وقت الحادثة, صلينا العشا و نمنا ع الطول و تانى يوم سمعنا الخبر المشئوم.

يعود سراج منير إلى جانب زوجته عقيلة راتب التى ما زالت تنظر إليه فى صدمة و عينيها ممتلئتين بالدموع.
يصدر الحكم بإدانة عبد الحليم و براءة أحمد رمزى و يصطحب الأب ابنه فى رضا إلى البيت بعد أن طلق أم عبد الحليم -بناء على رغبتها الشخصية- لاستحالة تخليها عن ابنها المظلوم.
تلملم عقيلة راتب أشياءها و تسرع إلى بيت محمود المليجى باكية, تمضى بضع ساعات ينجح فيها المليجى فى تهدئة زوجته السابقة و يأتى بكوبين من الشاى الساخن المظبوط لزوم التفكير و المخمخة, و بمجرد أن بدآ نقاشهما, عادت الأم إلى سابق بكائها و كأن ساعات لم تمر. تضيق الأرض بما رحبت على محمود المليجى بسبب نواح عقيلة و ولولتها على شباب ابنها الذى ذهب مع الريح, فيذهب إلى القهوة, يدخن حجرا, يشرب ينسونا, لعله يجد حلا للولد. و مع ثانى رشفة من المشروب, يلمح رجلا قد رآه من قبل, تغيم الصورة فى عقله و يفنط ذكرياته القريبة ليجد الرجل نفسه مرتديا بدلة صيفى مشابهة لما يرتديها الآن فى المحكمة صباح اليوم, لا هو قاض و لا محام و لكنه يعمل هناك و قد يكون ذا نفع.
فى عجلة يقترب منه و يجر كرسيا و يجلس إلى يمينه, يتعجب الرجل ذو البدلة الصيفى ثم تنير لمبة فوق رأسه "عرفتك  إنت أبو عبد الحليم!" فيبستم المليجى فى أمل لا يخلو من خبث و يبدأ بالحديث و يستمر فيه 4 ساعات كاملة.




                                                      عالم موازى كمان و كمان

تدخل البدلة الصيفى لساحة المحكمة, يوشوش الرجل القاضى و يشير للأخير له أن "طيب طيب". ينادى على الشاهد سراج منير فيتقدم فى خطا ثابتة.
نجد كرسيا مريحا على يمينه رجل بنظارات طبية رفيعة و على اليسار جهاز ضخم يشبه ما نراه فى أفلام الجاسوسية و مسلسلات صالح مرسى يبدو من أسلاكه التعقيد ,و عند إشارة القاضى, يبدأ الرجل ذو النظارة بتوصيل بعض من هذه الأسلاك المذكورة آنفا و لف أطرافها حول أصابع سراج المكتنزة و يومىء لرئيس المحكمة أن "تمام". يسأله " أستاذ سراج, جاهز لجهاز كشف الكذب؟"
فيراجع سراج أفكاره التى تدرب عليها طول الأسبوع مذكرا نفسه أن الحقيقة هى ما نصدق أنها الحقيقة و الكذب ليس كذبا إذا آمنا أنه الحق و لا شىء غيره و يقول " جاهز يا فندم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق