الأحد، 17 يوليو 2011

أضغاث احلام

تبدأ حكاويها بفنجال من القهوة السادة التى لا تشربها عادة , فقد اعتادت طعمها المظبوط الذى لا زيادة فى سكره و لا نقصان . لكنها اليوم اختارت بعض التغيير لتثبت لنفسها شيئا متأثرة بذلك الحلم .

مطبخ فخم يغلب عليه اللون البنى و الرخام اللامع التظيف..يوجد فى احد اركانه طاولة مستديرة و كرسيان ...حملت الصنية الى الطاولة افرغت القهوة فى فنجالين و قدمت احدهما الى خطيبها الجالس على الكرسى المقابل..يشربان القهوة بتلذذ ثم يبدأ هو بالبكاء و ينخرط فيه..يفز واقفا و منتحبا يقول " انا لا استطيع ان اتزوج من امرأة لا تحب القهوة الا لأنها مرة " ثم يخرج بشكل مسرحى خارج الحلم .

لم تجد لهذا الحلم تفسيرا ..قالت لها اختها ان البكاء فى المنام خير , فهل تصدق ؟
و ان , فهل يكون الخير من نصيبها ام من نصيب ذلك الخطيب ؟
ثم من يكون ذلك الباكى الأسيف من الأساس ؟
تتنهد متأملة يديها الخاليتين من الخواتم و ترتشف القهوة .
لا تعرف لم يزعجها حلم كهذا على الرغم من كونه الطف كثيرا من احلام اخرى لم تعد تندهش من رؤياها .
تتذكر ما قيل لها عن برج الدلو و انه برج تعيس قد لا يفارقه النكد فيصل بعدها الى حالة من الزهد فيتقرب الى الله مع الوقت.
تتذكر ان منكوبى هذا البرج تتحقق رؤياهم كئيبة كانت او بهيجة فتحاول جاهدة ان تفكر فى اشياء سعيدة بغرض استدعائها فلا تستطيع..لا تتمكن الا فى التفكير فى ذلك اليوم الذى ذهبت فيه برفقة امها لتواسى صديقة و امها فى وفاة الجدة حيث تبادلت نظرات ذات مغزى مع صديقة اخرى لهما , الصديقة الوحيدة التى اختارتها لتقص عليها حلم سخيف مضمونه موت الجدة بعد عودتهم من رحلة استجمامية فى جمصة .
و لم يكن ذلك غريبا بالنسبة لمن يشعر باشخاص تتحرك بلا جسد من حوله طوال الوقت..ينظر اليها بسرعة فلا يرى احدا .
نُصحت بتلاوة " قل اعوذ برب الناس " لكن الخيالات لم تختفى .
و وقع الاقدام الذى يلاحقها اينما ذهبت..بدأ ذلك فى زيارة عائلية حين تعالت اصوات الخطوات فنبهت ابنة خالها بتفقد ابنها الذى يضرب الارض بقدمه , فتؤكد فى قلق ان ابنها فى تمرين السباحة.
كثيرا ما اقتربت فى حذر من الباب و فتحته سريعا بحركة مباغتة للامساك بهذا الذى يصدر اصواتا تزعجها متلبسا و لكنها لم تجد احدا.
عندما اصبح وقع الاقدام مستمرا لا يطاق , اضطرت كارهة ان تستشير بعض الاطباء..اشعة مقطعية على الجمجمة..تفقد شرايين الاذنين..علاج نفسى....و لم يختفى وقع القدم الخفى .

تفكر كثيرا فى ان الحياة اصبحت تسير فى مكانها..محلك سر...كلعبة اطفال بزنبلك حين ترتطم بالجدار و لا تكف عن الحركة حيث ساقها حظها العاثر.
لا سبيل من قص الشعر , تؤمن ان الاحزان الفائضة تتشبث بنهايات الشعر و ان المشكلات غير المنتهية عالقة فى اطرافه..ربما يكون هذا هو السبب فى شعورها الدائم بأن رأسها ثقيل اكثر مما ينبغى.

تتوق نفسها الى بحر اسكندرية فتحاول تذكر تلك الرائحة و لا تستطيع..تتذكر شعورها عند الغطس فى مائه المالح و ذلك الاحساس بأن هناك روح ما تجذبها الى اسفل وانها ستكون افضل حالا فى احشاء البحر...تشغل نفسها بدس اصبعها فى البن الموجود فى فنجالها الفارغ و ترسم به بعض الاشكال التى لم تعرف لها معنى وتقرر شرب المزيد من القهوة الخالية من السكر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق