الثلاثاء، 16 أبريل 2013

أرق


انها الخامسة الا ثلاثة عشر دقيقة..الظلام يعم حجرتى و الملل يسكن نفسى..
فى الفراش أنا منذ الثانية بعد منتصف الليل, أطفأت الأنوار , قبلت أختى النائمة فى السرير المجاور على جبينها فجزت بلا وعى على أسنانها و أدارت وجهها للحائط..اتخذت وضعا ما على جانبى الأيسر و لكنى أحسست أن رقبتى مرفوعة أكثر مما يجب, تخلصت من وسادة و اكتفيت بالأخرى, لم أجد مكانا أضع فيه الوسادة الزائدة عن حاجتى فأنمتها بجوارى.
لا يعد سريرى كبيرا بل انه عكس ذلك تماما فلم يدخل داخل الى غرفتى حتى يعلق على أحجام السريرين و يزول اندهاشه-او يزداد- عندما اخبره ان هذا السرير لم يتغير منذ ولدت. فى الواقع انا احب سريرى جدا و لم أفكر يوما فى تغييره..اى نعم فى الليالى الصيفية أجد نفسى مدلدلة الأطراف و كأننى شجرة من أشجار الزمالك القديمة و أحيانا لا اجد مكانا ليدى اليمنى التى أحشرها حشرا بين بطنى و المرتبة او ادفسها تحت المخدة و مؤخرا لكى اتفادى هذه الورطة أنام على بطنى و اضع يداي كليهما تحت الوسادة و غالبا ما تصحبهما رأسى, ما يدهشنى هو اصرارى الدائم على ان تنام وسادتى جوارى على الرغم من عدم وجود مكان كافى ليدى..عندما تذكر الوسائد تذهب الأيادى للجحيم.
لم أعانى من قبل من الأرق..لا ليس "من قبل"..ما أقصده أننى لست مؤرقة بطبعى و لم يكن النوم يشكل لى أى مشكلة على مدار أيام حياتى كلها, كنت بمجرد أن أستشعر النوم أستسلم..لم أقاومه سوى مرات قليلة نادرة..فى الحقيقة أنا أعشق النوم, لم أجد أى نشاط انسانى ممتع أكثر من النوم..النوم نشاط انسانى بالفعل, عمل مهم و حيوي فى حياة بنى آدم جميعا و أعتقد انه لا يأخذ حقه فى التقدير و الاحتفال. لم اتعامل مع النوم من قبل على انه شىء لابد منه او انه مجرد احتياج انسانى القليل منه كافى مثلما تعتبره أمى..أنا أنام من أجل النوم, كم من أحداث و حفلات و مناسبات لم أشارك فيها لأننى نائمة. النوم هو الصفاء التام هو حالة الفراغ الكامل التى تكافئ بها نفسك على تحملك للناس و تفاصيلهم المزعجة و أيامك المتشابهة و عملك الذى لا ينتهى و حياتك التعيسة.
انها الخامسة و الربع مستيقظة مازلت..أفكر فى النوم و لا أخطر بباله..كيف و لماذا ؟ كنت دائما صديقة وفية افضله على العالمين و مع ذلك تخلى عنى و تركنى اتكأ مرة على يمينى و مرة على شمالى و مرة اجلس فى السرير نصف جلسة فى انتظار هجومه المحبب الى نفسى..لكنه لا يأتى.
فى هذه الأحوال غالبا ما الجأ للقراءة..قاتلة الملل الأولى مع مرتبة الشرف..ضغطت زر المصباح المعلق فوق سريرى فلم يضئ , كررت فلم, نزعت الفيشة كلها و أوصلتها بالكهرباء مجددا فلم أرى نورا..فى هذه اللحظة وصلت الرسالة, أدركت انه يوم سئ و الغد أسوأ..مصباحى العزيز-حتى هو-تخلى عنى..لا نوم لا قراءة لا نور.
أغمضت عيني رغما عنى و كأننى أعاقبنى..صخب و ضوضاء فى رأسى لا يخمد..و لم لا؟ فلأفكر اذن..التفكير هو ثانى قاتل للملل..أجد نفسى عالقة فى محاضرة الهيستولوجى فأقرر أن أفصل الفيشة و أختار لنفسى موضوعا أجمل من الهيستولوجى..أسرح فى أفكارى بالساعات و لا أمل, أفرح كثيرا اذا توصلت لفكرة مفيدة ثم تقع آمالى أرضا و أنا أنظر لمن حولى...
فيم أفكر؟ لا أدرى, ليس هناك ما يلفت انتباهى الآن..ليس هناك سوى النوم للأسف.
سأنام..رغم أنف النوم سأنام..دفنت رأسى تحت الوسادة, قلبت الغطاء على ظهره حتى أحصل على الجانب الأبرد منه و أغمضت عينى و فى لحظة تبددت كل محاولاتى -التى كادت تنجح- برنين معدنى سخيف..انها السادسة موعد استيقاظى الكئيب.
تمنيت لو أمسكت بالموبايل و أغلقت عليه قبضتى بعنف فينهار و يتساقط قطعا قطعا و لكنى اكتفيت بأن اخرسه و أقوم.