السبت، 26 يناير 2013

ما أخبارك ؟

عندما يسألك أحدهم عن أخبارك فهو اما ينتظر منك اجابة متعارف عليها " الحمد لله " او انه يعنى ما يقول و يريد منك ان تقص عليه أخبارك حرفيا. فى الغالب أميل ان اكون من النوعية الاولى , تلك التى تحبذ الردود المختصرة , التى تحمل اقل قدر من الدراما و حظ اوفر من الخصوصية التى احترمها , و لكنى مع الأسف , نادرا ما أقع فى أحضان من هم مثلى بل اننى ثلاثة أرباع الوقت اكون بين مخالب الأسئلة الفتاكة و العيون الفاحصة التى تريد و بمنتهى الفجاجة معرفة " ما أخبارى " !
عندما اسئل عن اخبارى فعلى ان اتكلم عن انجازاتى او بمعنى اصح فشلى فى الدراسة او العمل , عن صحتى او بدقة اكبر مرضى و كيفية تعايشى معه , عن سبب خسارتى للوزن بهذا الشكل الفادح او فعليا اكتسابى العديد من الكيلوهات الاضافية على كتلتى الأساسية و لا ادرى ان كان السبب الحقيقى هو الاطمئنان البرئ عنى و عن حياتى و مسارها ام انه نوع من " اللى يشوف بلاوى الناس "..عندما لا يصبح لديك ما بكفيك لتشعر بأن " كله تحت السيطرة " و انك لم تفقد زمام الأمور و ان مشكلاتك و ان تعددت ما زالت "محلولة ان شاء الله" تبدأ فى البحث عن " أخبار " الآخرين , فعندما ترانى و قد ازددت وزنا على وزن تنظر الى كرشك الصغير باطمئنان مبتسما بأنك لست الأثقل و ان كنت ثقيلا ما زلت..حين تجدنى اتردد على الاطباء تفرغ انفك مما يملأه برضا و امتنان لجيوبك الأنفية الملتهبة و بالرغم من اننى اعمل لصالح الأمم المتحدة و يبدو علىّ الأبهة فأنت تشعر بانتصار واضح حين أخبرك اننى اشعر انى اضيع وقتى و انى لا أجد نفسى فى هذا الهراء.
ماذا اذا لم يكن لدى " اخبار " ؟
كيف ستتقبل ردى ب " الحمد لله " حاف بلا زيادة ؟
ربما بقليل من الالحاح و الأسئلة الخانقة أجيب ب " الحمد لله , كويسة " !
و هذه ليست نوعا من انواع السخافة او التأديب أو حتى طريقة من الطرق لاسكاتك , انها فقط الحقيقة..انا بالفعل الحمد للع كويسة..برغم السمنة و المرض و العمل المرهق , كويسة.
لا أشعر بالظلم و لا احاول ان اشعر نفسى عنوة اننى ضحية مجتمع لا فائدة منه و لا ان العظماء امثالى يظنهم الناس سعداء و هم يحملون هموما تثقل كاهلهم و افكارا تزحم عقلهم.
ربما فى المرات القادمة سيتوجب على ان أشرح انه لا داعى لأن يكون من حولك نسبيا اسوأ منك حالا حتى تستطيع ان تنعم و حالتك السيئة و ان كانوا اسوأ منك حالا فهذا لا ينفى ان حالك ما زالت سيئة كذلك.. و لماذا لا يشعرون ان العمل فى الامم المتحدة بالنسبة اليك ما هو الا شئ مشابه لعمل المحامى فى سوبرماركت كبير.
اضطررت الى اللجوء الى وسيلة جديدة غير الاستفاضة فى اخبارى و غير الاقتضاب فيها..التجميل ! فعندما تسألنى عن صحتى اخبرك ان الطبيب مندهش من سر شفائى المفاجىء و اننى بدأت احب العمل و احسست اننى بالفعل خلقت لذلك و فيما يتعلق بالسمنة يمكننى التعلل بأننى حامل مثلا او ان الموضة بأمريكا هذه الأيام هكذا ! فتنظر من  حولك لتجد انك اصبحت القطل الفاشل فى الجمع و انه لا يسعك احتمال جيوبك الأنفية الملتهبة اكثر من هذا .
و فجأة يتغير السؤال من  " ما أخبارك ؟ " الى " عاملة ايه ؟ كويسة الحمد لله ؟ ".